سحر الهيبة
- الشيخ احمد الشمري
- 25 يوليو 2020
- 2 دقائق قراءة
سحر الهيبة
منذ مراحل مبكرة من العمر يتلقى الطفل قيمة الهيبة،
على المستوى الشعوري والفكري وكذلك على المستوى الحسي،
وقد أدرجت الهيبة من أولويات قواعد وأسس التربية،
تجاه كل ذي سلطة؛ كهيبة الأب والكبير ثم المعلم والنظام،
لتتسع دائرة الإيحاء اللاواعي للهيبة لدى الإنسان
فتشمل القانون والعلم والفتوى والجماعة ونظراً لقوة
تأثير سلطة الهيبة حتى على الحشود الكبيرة، فقد انضم
عنصر داعم آخر وهو: الكثرة أي كثرة الأتباع وتجمهرهم حوله،
ودعمهم له، لا فرق بين أن يكن شخصاً مؤثراً وذا
وزن وطول باع وقامة في علم بعينه أو حتى مجردًا من مؤهلات الهيبة.
سحر الهيبة
وإن كانت الجموع قد اعتادت على الانقياد طواعية
والتقبل بسهولة لكل فكرة أو رأي أو فتوى أو نظرية
أو سلعة طالما تقف خلفها جهة محاطة بهالة الهيبة،
فإن ذلك يعود لأن معايير صناعة الهيبة نفسها تستبدل بغيرها؛
فقيمة ذات وزن كالعلم والاختراع أو الدين الرصين،
والفن الراقي نجده قد انحسر وتراجع أمام جحافل
كالنفوذ أو قوة كقوة المال والتقنية، أو للنجاح في
صناعة الوعي الجمعي السطحي الذي يسهل تمرير خدعة
ما عليه من قبل صعلوك يجيد صناعة الإثارة أو الفكاهة؛
أو (مودل) فارغة يكفي أن تعلن عن فكرة أو سلعة بثقة وحزم،
لتتلقاها الحشود بتقبل واتباع.
وفي كل الحالات وعلى الرغم من جميع المتغيرات إلا أن
السيطرة الذهنية التي يمارسها شخص ما مستغلاً فيها
هالة الشهرة التي يحظى بها هي لا تحدد إلى أي درجة
من النجاح الذي أحرزه (المشهور) ومن يقف وراءه في
استغلال هالة هيبته، بقدر ما تشي بدرجة التغييب الذي
تصل ذروته المجتمعات البشرية في كل عصر ومصر
؛ فحين خرج قارون في كامل أبهته وجاهه ووافر زينت
ه قال المغيبون {إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} (79) سورة القصص.
إن السلطة الذهنية التي تخلقها الهيبة في النفوس،
كما كانت سابقاً سبباً في اعتناق كثير من المبادئ
الأعراف والعادات، هي نفسها اليوم التي تقف
نجاح كثير من الأشخاص (العاديين) في ضخ ادمان الاستهلاك
Comments